محاذير تواجه ترحيل 1800 سجين سوري في لبنان

وزير العدل لـ«الشرق الأوسط»: قضية حساسة لا تعالج بقرار متسرّع

لقطة من مقطع فيديو نشرته قوى الأمن على «تويتر» لسجناء يؤدون صلاة عيد الفطر في سجن رومية
لقطة من مقطع فيديو نشرته قوى الأمن على «تويتر» لسجناء يؤدون صلاة عيد الفطر في سجن رومية
TT
20

محاذير تواجه ترحيل 1800 سجين سوري في لبنان

لقطة من مقطع فيديو نشرته قوى الأمن على «تويتر» لسجناء يؤدون صلاة عيد الفطر في سجن رومية
لقطة من مقطع فيديو نشرته قوى الأمن على «تويتر» لسجناء يؤدون صلاة عيد الفطر في سجن رومية

رغم تعثرها في إيجاد الآليات السياسية والقانونية لإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، وضعت حكومة نجيب ميقاتي خطّة لترحيل السجناء السوريين الموجودين في السجون اللبنانية إلى بلادهم، إذ كلّفت اللجنة الوزارية لمتابعة عودة النازحين وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري الخوري، البحث في «إمكانية تسليم الموقوفين والمحكومين للدولة السورية بشكل فوري، مع مراعاة القوانين والاتفاقيات ذات الصلة، والتنسيق بهذا الخصوص مع الدولة السورية».
هذه الخطّة ضاعفت من قلق المنظمات الدولية حيال تسليم هؤلاء السجناء إلى النظام السوري، خصوصاً أنها ترافقت مع حملة واسعة يقودها ناشطون عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تطالب بـ«ترحيل السوريين لأنهم يمثلون تهديداً للهوية اللبنانية، وللتوازن الديموغرافي في البلد الصغير»، وواكبتها حملة أمنية طالت مخيمات النازحين بحثاً عن أسلحة وممنوعات، وأسفرت عن توقيف أشخاص يخضعون الآن لتحقيقات أولية بإشراف القضاء المختص.
حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، بدت عبر إصرارها على تسليم السجناء إلى بلادهم، كأنها تزايد على أحزاب وقوى سياسية تطالب بإخراج اللاجئين السوريين بأي ثمن، علماً بأن القانون اللبناني يمنع ترحيل أي شخص أجنبي ارتكب جريمة على الأراضي اللبنانية إلّا بعد انتهاء محاكمته، وانقضاء مدة العقوبة المحكوم بها عليه، ويجري الترحيل شرط ألا يشكّل ذلك خطراً على حياة الشخص، وجعله عرضة للاعتقال والتصفية الجسدية.
المعوقات القانونية لترحيل المحكوم عليهم والموقوفين، تحدث عنها وزير العدل هنري الخوري الذي ألقيت بين يديه هذه الكرة الملتهبة، وانصرف إلى بحث المخارج القانونية لها رغم صعوبتها، فرأى أن «هذه القضية الحساسة لا تعالج بقرار متسرّع».
وأكد الخوري في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «كل ملف من ملفات السجناء السوريين يحتاج إلى دراسة قانونية دقيقة، فلا أحد يستطيع إطلاق سراح مرتكب جريمة بهذه السهولة، خصوصاً في جرائم جنائية مثل القتل والخطف وعمليات السطو والمخدرات”.
وقال: «إذا ثبت أن ثمة سجناء لديهم ملفات قضائية في سوريا، فقد تكون الإجراءات أسهل، بحيث تستكمل محاكماتهم هناك، أما إذا لم تكن لديهم ملفات، فلا يمكننا إخراجهم وإطلاق سراحهم عشوائياً، عندها قد يخرجون من الباب (إلى سوريا)، ويعودون من الشبّاك بطريقة غير شرعية، وعندها يصبح خطرهم مضاعفاً». وكشف وزير العدل عن «زيارة سيقوم بها وفد وزاري وتقني إلى سوريا لبحث عودة النازحين، لكن مسألة المحكوم عليهم والموقوفين تبقى قيد الدرس المعمّق».
يمكث في السجون اللبنانية 1800 مواطن سوري ممن ارتكبوا جرائم جنائية، 82 في المائة منهم لم تستكمل محاكماتهم، ولم تصدر أحكام بحقهم حتى الآن، و18 في المائة منهم صدرت أحكام مبرة بحقهم ويمضون مدة عقوبتهم.
وأوضح مصدر مطلع على ملف السجون لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك عشرات الموقوفين على ذمة التحقيق في نظارات الأجهزة الأمنية وأماكن التوقيف المؤقت، بانتظار القرارات القضائية الحاسمة بشأنهم، ما يعني أن هذه النسبة سترتفع حتماً في الأيام المقبلة». وقال إن «بين هؤلاء 143 قاصراً (سورياً) في السجون اللبنانية أعمارهم دون الثامنة عشرة».
وقد اعترف مصدر أمني معنيّ بملف السجون، بأن «وجود آلاف السوريين في السجون اللبنانية يفاقم من أزمة السجون والأعباء المترتبة على خزينة الدولة». وكشف لـ«الشرق الأوسط»، أن «نسبة السوريين تشكل 27 في المائة من عدد نزلاء السجون، أي ما يقارب ثلث عدد النزلاء، وهذا يزيد من أعباء التقديمات الغذائية والطبية، ويفاقم عدد الدعاوى التي تغرق بها المحاكم اللبنانية».
ورأى المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، أن «مسألة ترحيل السجناء ترتبط عادة بالاتفاقات الموقعة بين لبنان والدولة المعنية بشؤون مواطنيها». وقال: «هذه مسألة معقدة، ويصعب حلّها بسرعة مع الدولة السورية». وسأل: «إذا كانت الدولة عاجزة عن إيجاد آلية لإعادة النازح حتى الآن، فكيف يمكنها إعادة المحكوم عليهم والموقوفين، ووفق أي معايير؟».
ومن جهتها، أكدت المحامية والناشطة الحقوقية المحامية ديالا شحادة أن لبنان «ملتزم بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واتفاقية مناهضة الإخفاق القسري». وحذّرت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من «مخالفة القوانين الواجب اتباعها في تسليم أي موقوف لدولة أخرى، فهذا يستدعي أن تتقدّم الدولة المعنية بطلب استرداد لمواطنها الموقوف في لبنان».
وقالت أيضاً: «لا يمكن اتخاذ قرار من هذا النوع إلّا بعرض الأمر على لجنة قضائية متخصصة تدرس كلّ ملف على حدة، وترفع توصية للسلطات بترحيل الموقوف أو رفض ترحيله». ويخشى متابعو هذا الملفّ التداعيات الإنسانية التي تترتّب على تسليم السجناء السوريين لبلادهم، ورأت المحامية شحادة، أن «تسليم هؤلاء قد يعرضهم للاضطهاد والضرر الجسدي والاقتصادي، وإمكانية إقحامهم مجدداً في النزاع المسلّح، سواء بإلحاقهم قسراً بالجيش السوري أو التنظيمات المسلّحة».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

الأردن: السجن 20 عاماً لأربعة متهمين في قضية «مخطط الفوضى»

أفراد أمن أردنيون يقفون حراسة خارج المحكمة العسكرية في عمّان، الأردن، 21 يونيو 2021 (رويترز)
أفراد أمن أردنيون يقفون حراسة خارج المحكمة العسكرية في عمّان، الأردن، 21 يونيو 2021 (رويترز)
TT
20

الأردن: السجن 20 عاماً لأربعة متهمين في قضية «مخطط الفوضى»

أفراد أمن أردنيون يقفون حراسة خارج المحكمة العسكرية في عمّان، الأردن، 21 يونيو 2021 (رويترز)
أفراد أمن أردنيون يقفون حراسة خارج المحكمة العسكرية في عمّان، الأردن، 21 يونيو 2021 (رويترز)

أصدرت محكمة أمن الدولة في جلسة علنية عقدتها الأربعاء أحكاماً بالأشغال المؤقتة لمدة 20 سنة بحق 4 متهمين من 16 متهماً في قضية ما بات يعرف بـ«مخطط الفوضى».

وكشفت السلطات الأردنية قبل أيام عن مخطط لخلية نظمت وخططت لـ«تصنيع الصواريخ والتجنيد والتدريب وتصنيع الطائرات المسيرة في مناطق من محافظتي العاصمة والزرقاء.

وقضت المحكمة بأحكامها بعد إدانة المتهمين بقضايا حيازة مواد مفرقعة وأسلحة وذخائر بقصد استخدامها على وجه غير مشروع والقيام بأعمال من شأنها الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر خلافاً لأحكام قانون منع الإرهاب.

وبعد اعتراف عدد من أعضاء «خلية الفوضى» بانتمائهم لجماعة «الإخوان المسلمين» في الأردن، لتعلن الحكومة قبل أيام باعتبار الجماعة غير شرعية ومحظورة في البلاد بعد سنوات من احتواء نشاطات الجماعة التي صدر قرار باعتبارها جماعة غير مرخصة عام 2020.

وبالعودة للقرار القضائي القابل للطعن لدى محكمة التمييز (أعلى درجات المحاكم)، فقد خلصت المحكمة إلى أن الوقائع الثابتة في تلك الدعاوى تتمثل في إقدام المجرمين على حيازة مواد مفرقعة لغايات استخدامها للقيام بأعمال غير مشروعة من شأنها حتماً وواقعاً الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع الأردني وأمنه للخطر بعد نقلها داخل أراضي المملكة وإخفائها في أكثر من موقع تفادياً لانكشاف أمرهم.

وبينت المحكمة أنه تم إلقاء القبض على المتهمين وضبط المواد المفرقعة والمتفجرة وعدد من قطع الأسلحة والذخائر، بعد إجراءات الأجهزة الأمنية المختصة وأثر المعلومات الواردة بحق المجرمين.

وثبت للمحكمة أن المواد المفرقعة المضبوطة هي عبارة عن مواد شديد الانفجار (متفجرات) وتعتبر من المتفجرات العسكرية ذات الخاصية التدمرية وصالحة للاستخدام وذات أثر قاتل على الأرواح وتشكل ضراراً بالممتلكات والسلامة العامة.

وخلصت المحكمة إلى أنه بالنظر إلى خطورة الأفعال التي أقدم عليهم المجرمون، والتي من شأنها الإخلال بالأمن والأمان وتعريض أمن وسلامة المجتمع للخطر وتهديد أمنه واستقراره والإخلال بالنظام العام وتعريض حياة المواطنين للخطر وجدت من خلال الوقائع المستخلصة بتلك الدعاوى ومدى جسامة الأفعال الآثمة المرتكبة تغليظ العقوبة بحقهم والارتقاء بها إلى حدها الأعلى لكي لا تسول لهم أنفسهم ولغيرهم الإقدام على مثل هذه الأفعال الشنيعة تحقيقاً لمبدأ الردع العام والردع الخاص والحفاظ على أمن وسلامة المجتمع الأردني.

يُذكر أن هذه القضية تعد جزءاً من المخطط الذي أعلنت عنه الحكومة أخيراً وبدأ منذ عام 2021، إذ كانت الأجهزة الأمنية ألقت القبض على المتهمين الأربعة فيها منتصف عام 2023، وأحالت القضية إلى الادعاء العام الذي بدوره أحالها إلى محكمة أمن الدولة، وبدأت منذ شهور إجراءات المحاكمة الخاصة بها، فيما لا تزال القضايا الأخرى التي أعلن عنها مؤخراً منظورة أمام القضاء.